تحديث الجيش البولندي فرصة للصناعات الدفاعية التركية (تقرير)

خطت تركيا خطوات كبيرة في الصناعات الدفاعية خلال العقد الماضي، لتسطر اسمها بين قائمة كبار مصنعي ومصدّري الصناعات الدفاعية حول العالم.

يقول مايكل ويربوفسكي، خبير العلاقات الدولية والأمن من معهد وارسو بالعاصمة البولندية، إن بإمكان تركيا لعب دور نشط في سوق الصناعات الدفاعية في بولندا، التي سارعت لتسليح وتحديث جيشها مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا.

ويربوفسكي، الذي كان يتحدث لمراسل الأناضول، أكد أن على تركيا النظر إلى بولندا كسوق جذابة للصناعات الدفاعية التركية، خاصة وأن وارسو تمتلك واحدة من أحدث القوات المسلحة في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ومن بلد مستورد، تحولت تركيا في غضون سنوات قليلة إلى بلد منتج ومصدر للصناعات الدفاعية من الإنتاج المحلي، حتى وصلت الاكتفاء الذاتي على صعيد تلك الصناعات بنسبة بلغت 80 بالمئة.

وتستخدم بولندا 4 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي لصالح ميزانيتها الدفاعية هذا العام، بحسب الخبير الدولي.

"بولندا التي ترسل معظم معداتها العسكرية من الحقبة السوفيتية السابقة إلى أوكرانيا، وقعت اتفاقيات مع دول مثل المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية لتوريد أسلحة وتجهيزات دفاعية متطورة".

وحصلت وارسو على امتيازات تسمح بتصنيع قسم من هذه الأسلحة في بولندا، كجزء من السياسة الوطنية لإعادة التسلح والتحديث العسكري المعروفة باسم "بولونيزيشن".

وفيما يتعلق بهدف زيادة عدد الجنود في الجيش البولندي إلى 300 ألف عسكري بحلول عام 2035، قال ويربوفسكي: هذا الرقم مرتفع حتى بمعايير أي دولة عضو في الناتو، بما في ذلك تركيا".

وزاد: "تتوافق هذه الأرقام مع الأهداف الطموحة لوزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشتشاك، لجعل البلاد قوة برية حقيقية في أوروبا".

** فرص للصناعات التركية

وذكّر ويربوفسكي بأعمال التحديث المهمة التي حققها الجيش البولندي مؤخرا، مشددا على أن تركيا يجب أن تنظر إلى بولندا كسوق جذابة بالنسبة للصناعات الدفاعية التركية.

وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا، أثبتت أن الطائرات بدون طيار فعالة جدا في ساحة المعركة ومدمرة جدا لقوات العدو.

"أنا أتحدث عن المركبات الجوية غير المأهولة من نوع "بيرقدار تي بي 2" (Bayraktar TB2).. أعتقد أن وارسو وأنقرة ستواصلان تعاونهما الوثيق في مجال شراء المعدات العسكرية المتبادلة".

وفي أبريل/نيسان الماضي، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أن أول طائرة نفاثة محلية ومأهولة (حر جيت) أجرت أول رحلة تحليق ناجحة لها.

وسبق ذلك الإعلان، عن إضافة محرك وطني للمقاتلة الحربية الوطنية (غوك باي)، ونجاح تجارب تحليق للمسيّرة الأضخم "كيزيل إلما"، وتسليم الجيل الثاني من الدبابة التركية (ألتاي)، وتسليم السفينة الحربية المحلية "أناضولو" (TCG) للجيش التركي.

كذلك، فإن لتركيا أهمية استراتيجية للجانب الجنوبي لحلف الناتو والبحر الأسود، وبالمثل تمتلك بولندا أهمية ممثالة من الناحية الاستراتيجية على طول ساحل بحر البلطيق على الجانبين الشمالي والشرقي للحلف، بحسب ويربوفسكي.

وتابع: "أنقرة لعبت دورا رئيسا كوسيط في الحرب الروسية الأوكرانية، وشاركت أيضا في أكبر مناورات جوية عسكرية في بحر البلطيق وبحر الشمال، فيما قدمت وارسو دعما قويا إلى كييف".

وفي إشارته إلى أن تركيا عضو مؤسس في حلف شمال الأطلسي، قال ويربوفسكي: "لا يمكن تجاهل الدور الدبلوماسي المحوري الذي تلعبه تركيا في مفاوضات وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة".

"مرة أخرى، ومن وجهة نظري الشخصية، يمكن لتركيا فقط وبدرجة أقل المجر، إجراء حوار مع موسكو في الوقت الحالي.. لقد أحرق جميع أعضاء الناتو والاتحاد الأوروبي الآخرين الجسور مع إدارة الكرملين، لذلك يمكن اعتبار تركيا لاعبا رئيسيا في تسوية محتملة بعد الحرب في أوكرانيا".

ولفت ويربوفسكي إلى أن بولندا يجب أن تخفف من خطابها "الشوفيني" وموقفها العسكري إذا تولت تركيا دورا دبلوماسيا لحل الخلاف بين الناتو وروسيا ووقف الحرب.

وقال: "وارسو تظهر موقفا عدوانيا للغاية تجاه روسيا، كما تواصل في الوقت نفسه دعم كييف ضد موسكو مهما كان الثمن".

** مخاوف البولنديين

كما قال ويربوفسكي إنه يشعر بالقلق، مثل العديد من المواطنين البولنديين، بشأن تزايد الضغوط على الأمن القومي للبلاد وزيادة الإنفاق العسكري.

ولفت إلى أن بولندا كانت تاريخيا تقع في منطقة ذات تحديات جيوسياسية.. "الحرب وضع ألفته الذاكرة الجمعية لبولندا التي تمكنت منذ نهاية الحرب الباردة من تحقيق الاستقرار والأمن، وإلى حد ما الازدهار الاقتصادي بفضل عضويتها في الاتحاد الأوروبي".

المصدر: وكالة الأناضول للأنباء

أضف تعليق