عسكرة الفضاء.. سباق عالمي محموم للتسلح خارج الكرة الأرضية

قرّر حلف الناتو توسيع استراتيجيته الدفاعية لتشمل الفضاء الكوني، بما في ذلك الرد العسكري الجماعي على أي هجوم مفترض من الفضاء على إحدى دول الحلف. الأمر الذي يعيد إلى السطح قضية السباق الدولي على عسكرة الفضاء.

نشر حلف شمال الأطلسي يوم الاثنين، وثيقة لـ"السياسة الشاملة للناتو في الفضاء"، يقر من خلالها توسيع مبادئ دفاعه لتشمل الفضاء الكوني، ويصبح ملزماً بموجبها الرد العسكري الجماعي على أي هجوم مفترض يستهدف الدول الأعضاء من الفضاء الخارجي.

وجاء في وثيقة الناتو أنه "وفقاً لاتفاق الحلفاء في قمة بروكسيل 2021 (…) يمكن أن تؤدي مثل هذه الهجمات (من الفضاء الخارجي) إلى تطبيق المادة الخامسة من ميثاق الناتو، وسيتخذ القرار بهذا الخصوص من جانب مجلس شمال الأطلسي على أساس كل حالة على حدة لكونها تهدد عواقبها الازدهار والأمن والاستقرار على الصعيدين الوطني والأوروبي-الأطلسي، ويمكن أن تكون ضارة للمجتمعات الحديثة مثل الهجمات التقليدية".

وتنص المادة الخامسة من ميثاق الحلف على "اعتبار الهجوم على إحدى دوله أنه هجوم على بقية الأعضاء جميعاً، وأن الحلفاء ملزمون بالرد عليه، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية". تؤكد الوثيقة الأخيرة أن الحلف يعتزم دمج الفضاء الكوني، إلى جانب المجال السيبراني، في نظام الأمن والدفاع الجماعي للحلف.

فيما يعيد التحرك الأخير إلى السطح قضية السباق الدولي على عسكرة الفضاء، حيث تسارع القوى العالمية إلى تطوير ترسانتها الدفاعية الفضائية، كما إنشاء قوات خاصة لهذا الغرض.

القوة الفضائية الوحيدة

فمن بين أبرز التطورات التي عرفها تسليح الفضاء خلال السنوات الأخيرة إنشاء الولايات المتحدة قواتها الفضائية سنة 2019، لتصير أول دولة تأسس فرعاً من جيشها خاص بالفضاء الخارجي.

وحسب نص قانون تأسيسها، فإن المهام المنوطة بهذه القوات تتمثل في تنفيذ العمليات العسكرية للولايات المتحدة بحرية في الفضاء الخارجي ومنه وإليه، وكذا تنفيذ العمليات العسكرية الفضائية السريعة والمستدامة.

فيما ليست الولايات المتحدة الوحيدة التي تملك وحدات لهذه المهمات، ولدى الصين وروسيا وفرنسا والهند وكندا وغيرها وحدات مماثلة، غير أن الفرق يكمن في أن البنتاغون أسس لها شعبة مستقلة عن الأخرى المدمجة مع سلاح الجو.

صواريخ لتدمير أقمار صناعية

في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت روسيا نجاحها في اختبار نظام صاروخي أرض-جو مخصص لتدمير الأقمار الصناعية. وقالت إنها "نجحت في تدمير "تسيلينا-دي" ونفت أن يعرض تناثر حطامه أي ضرر لأقمار صناعية أخرى أو المحطة الدولية الفضائية".

هذه التجربة التي انتقدتها واشنطن، معتبرة إياها تشكل خطراً على سلامة رواد الفضاء بالمحطة الدولية. فيما تمتلك واشنطن هي الأخرى أسلحة من هذا النوع، إذ نفذت أولى تجاربها الناجحة لتدمير أقمار صناعية سنة 2008، مستعملة في ذلك صاروخ "RIM-161".

فيما دولتان فقط، إضافة إلى روسيا وأمريكا، تمتلكان هذا السلاح، وهما الهند والصين. فجربت الصين أول عملية تدمير قمر صناعي لها سنة 2007 بصاروخ "FY-1C"، وفي سنة 2018 نفذت عملية تدمير لقمر صناعي بصاروخ جو-جو أطلق من خارج الغلاف الجوي.

وفي مارس/ آذار 2019، نجحت الهند في اختبار أول صاروخ لها لتدمير الأقمار الصناعية، إذ دمرت قمراً على ارتفاع منخفض بواسطة صاروخ أرض-جو. وحسب ما قالته الحكومة الهندية وقتها أن التجربة استهدفت قمراً على ارتفاع منخفض لم يتعدى 300 كيلومتر للتأكد من تحلل الحطام الناتج وعودته إلى الأرض في غضون أسابيع، درءاً لأي مخاطر قد يسببها لمعدات أخرى.

المصدر: تي آر تي

أضف تعليق