أقوى 5 جيوش في الشرق الأوسط

أثار تصاعد الأزمة الفلسطينية - الإسرائيلية، وتحولها إلى حريق شامل بين الجيش الإسرائيلي و حركة"حماس" في غزة، مخاوف عالمية من نشوب حرب إقليمية.

وفي خضم الأزمة، صنفت "سبوتنيك" أكبر 5 قوى مقاتلة في الشرق الأوسط، وحللت موقف كل قوة فيما يتعلق بالصراع المستمر.

**إسرائيل

تعتبر قوات الدفاع الإسرائيلية "آي دي إف" من بين أقوى خمس قوى عسكرية في الشرق الأوسط، منذ قيام الدولة، عام 1948. ومنذ ذلك الوقت، خاضت إسرائيل أكثر من 12 حربا كبرى، وخلال الفترة المتبقية من القرن 20 وحتى أوائل القرن 21، أظهرت إسرائيل قدرتها على الانخراط في عمليات هجومية ودفاعية لا مثيل لها في أي قوة إقليمية أخرى.

وفي حين أن هذه الصراعات قد تثبت لجيران إسرائيل أن جيشها لا يمكن هزيمته في حرب برية تقليدية، أو من خلال حرب منخفضة الشدة تشنها فصائل فلسطينية، فإن مبادئ الحرب غير المتكافئة، في أوائل القرن الحادي والعشرين، أثبتت أنه على الرغم من المزايا التي تتمتع بها إسرائيل في المال والأسلحة والتكنولوجيا، إلا أن جيش الدفاع الإسرائيلي ليس قوة قتالية لا تقهر.

وتجلى ذلك بشكل أوضح فيما حدث خلال حرب لبنان، عام 2006، وخلافًا لمعظم الصراعات السابقة، أثبتت إسرائيل عدم قدرتها على تحقيق نصر سريع. في الواقع، على مدى شهر من القتال، عانى جيش الدفاع الإسرائيلي من مقتل 121 جنديًا وإصابة 1244 آخرين، مع تدمير أكثر من 20 دبابة "ميركافا"، وإلحاق الأضرار بعشرات أخرى بسبب العبوات الناسفة والأسلحة المحمولة المضادة للدبابات، وفشلت إسرائيل في تحقيق هدفها المعلن المتمثل في تدمير "المقاومة" أو إضعافها، وانتهت الحرب بوقف لإطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة.

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه في حرب غزة المستمرة، حيث نجح الجيش الإسرائيلي في تسوية معظم مدن القطاع بالأرض بقصف مدفعي وصاروخي، لكنه واجه مشاكل في التقدم إلى المناطق، التي تسيطر عليها "حماس" في المنطقة المحاصرة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 356 جنديًا إسرائيليا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وادعاء "حماس" بتدمير أو تعطيل نحو 136 مركبة عسكرية إسرائيلية (لم يؤكد الجيش الإسرائيلي هذه الأرقام).

يذكر أن إسرائيل تمتلك واحدًا من أكبر المجمعات الصناعية العسكرية وأكثرها تنوعًا وربحية في العالم، حيث تنتج الدولة مجموعة من الطائرات المحلية والطائرات المشتقة والطائرات دون طيار والصواريخ والرادارات وأنظمة الحرب الإلكترونية وحتى الأقمار الصناعية.

وعلاوة على ذلك، فإن إسرائيل هي دولة يشتبه في أنها تمتلك أسلحة نووية (فالدولة لا تؤكد ولا تنفي وضعها، في سياسة تعرف باسم "الغموض المتعمد")، ويقدر معهد "SIPRI"، أن "إسرائيل تمتلك ما يصل إلى 80 سلاحًا نوويًا يمكن إطلاقه من الجو أو بواسطة صواريخ"، بحسب المعهد.

والوضع النووي المحتمل لإسرائيل يجعلها أقوى قوة عسكرية في الشرق الأوسط.

**إيران

إيران هي قوة عسكرية كبرى أخرى في الشرق الأوسط، مع جيش دائم قوامه 350 ألف جندي (بالإضافة إلى 37 ألفا من أفراد القوات الجوية، و18 ألف جندي من القوات البحرية و15 ألفا من قوات الدفاع الجوي)، ووحدة قوية قوامها 230 ألف جندي من أفراد النخبة في الحرس الثوري الإسلامي (150 ألفا منهم من القوات البرية، 40 ألفا من القوات شبه العسكرية، 20 ألفا في البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني و15 ألفا في قوات الدفاع الجوي التابعة للحرس الثوري الإيراني)، وتمتلك إيران واحدا من أكبر الجيوش العاملة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 350 ألفا من أفراد الاحتياط للاستدعاء في حالات الطوارئ. وكان لدى البلاد ميزانية عسكرية تعادل نحو 6.8 مليار دولار، في عام 2022.

ومثل إسرائيل، فإن لإيران نصيبها من الصراعات التي تزود قواتها بخبرة قتالية حاسمة، ويشمل ذلك الحرب بين إيران والعراق، والتي بدأت في سبتمبر/ أيلول 1980. وسرعان ما تحول الصراع إلى مستنقع استمر معظم ما تبقى من العقد، مع توصل البلدين إلى اتفاق وقف لإطلاق النار والسلام، في عام 1988. وقُتل ما يصل إلى 600 ألف جندي إيراني و500 ألف جندي عراقي في الصراع، إلى جانب أكثر من 100 ألف جندي معظمهم من القوات العراقية.

ولقد قدمت الحرب الإيرانية - العراقية، لإيران ثلاثة دروس مهمة:

  1. لا يمكن الاعتماد على الغرب في الأسلحة، وقد فرضت أمريكا وحلفاؤها حظر الأسلحة على البلاد، بعد ثورة 1979.
  2. يمكن للطائرات دون طيار أن تكون أداة فعالة في الحرب. خلال الحرب العراقية الإيرانية، طوّرت الجمهورية الإسلامية أول طائرة دون طيار، وهي طائرة المراقبة من دون طيار "مهاجر-1".
  3. تطوير واستخدام أسلحة الدمار الشامل ليس ضروريا لضمان البقاء.

ويمكننا القول إن إيران إلى جانب إسرائيل، تمتلك الصناعة العسكرية المحلية الأكثر تطورًا في الشرق الأوسط، حيث تنتج مجموعة من طائرات الاستطلاع والهجوم والطائرات من دون طيار محلية الصنع، ومجموعة من الصواريخ الباليستية وصواريخ "كروز"، بالإضافة إلى صاروخ جديد تفوق سرعته سرعة الصوت من طراز "فتح"، وأنظمة دفاع جوي وصاروخي متقدمة مثل "بافار 373"، ومنظومة "3 خرداد" ، ومجموعة من أنظمة الرادار والحرب الإلكترونية.

علاوة على ذلك، فإن جغرافية البلاد وشبكة تحالفاتها توفر لطهران مجموعة من القدرات، التي تزيد من قوتها العسكرية الشاملة.

وفي حالة تصاعد التوترات مع إسرائيل وأمريكا، سيكون لدى إيران خيار استخدام أنظمتها الدفاعية الساحلية وغيرها من الصواريخ لاستهداف الشحنات التجارية المتحالفة مع أمريكا، في الخليج وإثارة أزمة اقتصادية عالمية. وهذه القدرات تجعل إيران، في المرتبة الثانية في قائمة القوى العسكرية الكبرى في الشرق الأوسط.

**تركيا

تركيا، الدولة التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد أمريكا، هي أيضًا بلا منازع واحدة من أعظم القوى العسكرية في الشرق الأوسط، ومع وجود 355 ألفا و200 فرد في الخدمة الفعلية و378 ألفا و700 جندي احتياطي، وسلسلة من القواعد المنتشرة في المنطقة، فإن دعم تركيا (أو عدمه) يمكن أن يكون حاسمًا لأي عمليات في المنطقة من قبل حلفائها الغربيين.

ووفقاً لبيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن 260,200 من إجمالي القوات التركية البالغ عددها 355,200 جندي، تتألف من أفراد القوات البرية، بالإضافة إلى 50,000 آخرين من القوات الجوية، و45,000 من القوات البحرية. علاوة على ذلك، هناك ما يقدر بنحو 156,800 فرد من القوات شبه العسكرية، بما في ذلك خفر السواحل وقوات الدرك - فرع وزارة الداخلية المسؤول عن الحفاظ على النظام العام، والذي يمكن أن يكون تابعًا للقوات البرية في زمن الحرب.

تتمتع تركيا بإمكانية الوصول إلى عدد من القواعد العسكرية في الخارج، بما في ذلك ألبانيا (في قاعدة "باشا ليمان")، وأذربيجان ("مركز مراقبة وقف إطلاق النار" في منطقة قره باغ)، والبوسنة والعراق وكوسوفو وليبيا وشمال قبرص وقطر والصومال، وسوريا (طالبت دمشق مرارًا وتكرارًا بانسحاب القوات التركية، مع بقاء هذه القضية بمثابة النقطة الشائكة الرئيسية في تطبيع العلاقات).

كان سجل العمليات العسكرية التركية الأخير ناجحًا بشكل عام، وبعد نجاحها في الاشتباك مع الميليشيات الكردية، جنوب شرقي البلاد، التي تطالب بمزيد من الحكم الذاتي أو الاستقلال عن أنقرة، وشن عمليات توغل في سوريا والعراق، للقضاء على الميليشيات المتحالفة مع هؤلاء المقاتلين، انضمت تركيا أيضًا إلى قوى "الناتو" الأخرى في حروب في البوسنة وكوسوفو، في التسعينيات.

وفي سياق أزمة غزة، حرصت تركيا على التعبير عن دعمها الدبلوماسي لفلسطين و"حماس"، بينما عملت، في الوقت ذاته، على منع اتخاذ أي خطوات ضد إسرائيل، قد تعتبرها واشنطن أو تل أبيب معادية. واستدعت أنقرة سفيرها لدى إسرائيل، للتشاور، الأسبوع الماضي، بشأن "المأساة الإنسانية في غزة"، ودعمت وقفا فوريا لإطلاق النار.

**مصر

وتعتبر مصر، الدولة المجاورة مباشرة للأزمة التي تتكشف في غزة، وهي أيضا من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، حيث تأتي في المرتبة 14 من بين 145 دولة تمت مراجعتها في تقرير مؤشر القوة النارية العالمية، لعام 2023، ولدى القوات المسلحة المصرية 438,500 من أفراد الخدمة الفعلية و479 ألفا من جنود الاحتياط للاستدعاء في الأزمات. ويشمل ذلك جيشًا يتكون من جنود محترفين (90 ألفا إلى 120 ألف عسكري) و190 إلى 220 ألف مجند، وقوة جوية تضم 30 ألف فرد نشط و20 ألف فرد احتياطي، وقوات دفاع جوي (80 ألف فرد في الخدمة الفعلية و70 ألف فرد احتياطي) والبحرية (تتكون من 18500 فرد في الخدمة الفعلية و 14 ألف فرد احتياطي).

تمتلك مصر ميزانية عسكرية تبلغ 4.6 مليار دولار، في عام 2022، وتعتمد على شركاء أجانب في معظم معداتها العسكرية (استوردت نحو 48.1 مليار دولار من أمريكا، بين عامي 1948 و2017 فقط)، وعلى روسيا كمصدر رئيسي آخر لواردات الأسلحة.

وقد انضمت مصر إلى معظم المجتمع الدولي في الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسمحت للمساعدات بالتدفق عبر معبر رفح الحدودي شديد التحصين مع القطاع.

**المملكة العربية السعودية

تأتي المملكة العربية السعودية، في المركز الخامس في تصنيف "Global Firepower" لأفضل خمس قوى عسكرية في الشرق الأوسط، والمرتبة 22 بشكل عام، مع ميزانية عسكرية ضخمة تبلغ 69.1 مليار دولار، في عام 2023. تصنف البلاد باستمرار بين الدول العشر الأولى في العالم من حيث أكبر الميزانيات العسكرية (تحتل المرتبة الخامسة، في عام 2022، على سبيل المثال).

يبلغ تعداد القوات المسلحة السعودية 257 ألف فرد في الخدمة الفعلية، ويقسم الجيش إلى قوات برية (75 ألف جندي) وبحرية (40,500، بما في ذلك 10 آلاف من نخبة مشاة البحرية)، وقوات جوية (25 ألفا)، وقوات الدفاع الجوي (16 ألفا) وقوة الصواريخ الاستراتيجية. القوات (2500 فرد).

تعتمد المملكة على أمريكا في الغالبية العظمى (ما يقرب من 80 %) من معداتها العسكرية، بينما تشكل فرنسا وإسبانيا معظم الباقي (6.4% و 4.9 %، على التوالي). وتشمل هذه المعدات معدات مثل دبابات "أبرامز" ومركبات "برادلي" القتالية وطائرات الهليكوبتر الهجومية من طراز "أباتشي" وأنظمة صواريخ "باتريوت" وغيرها من الأنظمة الأمريكية المتقدمة.

وبرزت المملكة العربية السعودية، من بين المنتصرين خلال حرب الخليج، عام 1991، ضمن جزء من التحالف الذي قادته أمريكا، وشاركت في عملية المراقبة الجنوبية لمنطقة حظر الطيران في العراق، خلال التسعينيات، كما انضمت المملكة إلى التحالف الغربي في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي(المحظور في روسيا، ودول عدة) 2014-2017.

وانضمت المملكة العربية السعودية، إلى القوى الأخرى في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وورد أن الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، أدت إلى تعليق محادثات التطبيع مع إسرائيل، وأثارت أزمة غزة، إلى جانب اتفاق التطبيع السعودي - الإيراني المفاجئ للعلاقات، الذي تم التوصل إليه في مارس/ آذار الماضي، وتحرك الرياض للانضمام إلى كتلة دول "بريكس"، مخاوف واشنطن بشأن الانجراف الجيواستراتيجي المحتمل للمملكة.

المصدر: سبوتنيك

أضف تعليق