"مناورة الجيل الخامس" الصينية تهدد الأمن القومي الأميركي

في وقت تبذل الصين جهوداً واضحة ومعروفة لترسيخ نفسها كقوة عسكرية عالمية من خلال الأسلحة التقليدية، إلا أنها تمتلك أدوات أخرى تستخدمها أيضاً، لكن لا يُسَلّط الضوء عليها بشكل كاف، وتتمثل أهمها في "تكنولوجيا الجيل الخامس"، في الاتصالات اللاسلكية، وهو مجال "ينبغي على الولايات المتحدة ألا تسمح بتفوق الصين فيه"، بحسب تقرير لموقع "The Defense Post"

اللواء المتقاعد من الجيش الأميركي بوب ديس، أشار في التقرير إلى أن ريادة العالم في مجال الجيل الخامس "ضرورة أمنية وطنية"، ورأى أنه على الولايات المتحدة المحافظة على تفوقها في تطوير معايير صناعة المعدات، وبراءات الاختراع، والأمن، وسلسلة التوريد العالمية المتكاملة لتكنولوجيا الجيل الخامس.

وأصدرت الصين ترخيصاً لأطياف ترددية متوسطة النطاق لشبكات الجيل الخامس، بما يزيد بنسبة 70% على الولايات المتحدة، ولذلك سيكون تخصيص المزيد من الأطياف الترددية اللاسلكية للاستخدام التجاري أمراً بالغ الأهمية لواشنطن في تنافسها مع بكين.

وبحسب دراسة أجرتها مجموعة "بوسطن" الاستشارية، تواجه شبكات الاتصال المحمول الأميركية بالفعل قيوداً على هذه القدرات، إذ يُقدّر الخبراء أن الولايات المتحدة ستُعاني عجزاً كبيراً قدره 400 ميجا هرتز من الطيف الترددي بحلول العام 2027، وبمقدار 1400 ميجا هرتز بحلول عام 2032 إذا لم يتغير شيء.

وقال ديس وهو خبير في مجال الأمن القومي إن هذه الفجوة تمنح بكين ميزة تنافسية في صناعات تُعد ضرورية لتحقيق الريادة التكنولوجية الأميركية المستقبلية ومصالح الأمن القومي.

*نشر شبكات الجيل الخامس

وفقاً للتقرير، فإن قدرة الولايات المتحدة على مكافحة التهديدات السيبرانية، وجمع المعلومات الاستخبارية الحيوية، ونشر أحدث الأسلحة الموجهة بالكمبيوتر، تتوقف على النشر الكامل لشبكات الجيل الخامس المتطورة.

كما أن السماح للصين بنشر بنية تحتية قوية لشبكات الجيل الخامس قبل الولايات المتحدة، قد يجعل الأخيرة عرضة لهجمات الأمن السيبراني في مختلف المجالات، من العمليات القتالية إلى الشبكة الكهربائية، وشبكات الاتصالات والنقل، وغيرها من الخدمات العامة الأساسية.

وخلص تحليل حديث أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن الدولة التي تقود نشر تكنولوجيا الجيل الخامس، سوف تُحدد نطاق واتجاه التطبيقات والخدمات الحيوية.

وهذا يعني أن الإبداع الأميركي في الصناعات الأساسية التي تستخدم التقنيات اللاسلكية، بما يشمل الروبوتات، والحوسبة السحابية، والتكنولوجيات الحيوية، والاتصالات العسكرية، والخدمات اللوجستية، من الممكن أيضاً أن يتعرض للعرقلة، إذا لم تتعامل واشنطن بجدية مع الطيف الترددي.

*مواكبة الصين

سيشهد خريف هذا العام، بحسب التقرير، حدثين سيؤثران بشكل كبير على ريادة الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا اللاسلكية، ويساعدان في إرساء الأسس لسياسة الطيف الترددي لسنوات قادمة، وتحديد المسار الذي سيُمكّن تقنية الجيل الخامس في المستقبل.

ففي نوفمبر، سيجتمع الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة في دبي لحضور المؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية لعام 2023. وفي نفس الوقت تقريباً، من المقرر أن تكشف وزارة التجارة الأميركية عن استراتيجية وطنية كبرى للطيف الترددي من خلال الإدارة الوطنية لمعلومات الاتصالات.

وتُشير تقارير صادرة في شهر يوليو تمهيداً للمؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية 2023، إلى أن الصين ستعمل على تخصيص 1490 ميجا هرتز من الطيف الترددي للاستخدام الجديد المحتمل لشبكات الجيل الخامس.

وتوضح تلك التقارير أيضاً أن الولايات المتحدة في الوقت الراهن، تُوفر نطاقاً ترددياً يقل بنسبة 80% عن ذلك، ولذلك، ينبغي على الاستراتيجية الأميركية الوطنية للطيف الترددي أن تُوفر ما لا يقل عن 1500 ميجا هرتز من الطيف لإعادة استخدامه تجارياً لمواكبة الصين.

ويُحذر التقرير من أن إخفاق الولايات المتحدة في تحقيق الريادة في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس، يعني أن الصين هي التي ستفعل ذلك.

ونظراً للعلاقة الوثيقة بين التكنولوجيا اللاسلكية والأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة، يتعين على صُناع السياسات أن يتصرفوا بشكل عاجل لسد العجز في الطيف الترددي في الولايات المتحدة للحفاظ على ريادتها العالمية.

ويقول ديس إنه منذ ما يزيد قليلاً عن العقد من الزمن، هيمنت الولايات المتحدة على سوق تقنية الجيل الرابع "4G LTE"، بعد أن تخلفت عن أوروبا في مجال الجيل الثالث، وذلك بفضل تضافر جهود الحكومة وشركات الصناعة للتغلب على هذا التحدي.

ويؤكد اللواء المتقاعد من الجيش الأميركي أنه "ما من سبب قد يمنع واشنطن، إذا انتهجت الطريق الصحيح، من تحقيق ذلك مرة أخرى".

المصدر: الشرق للأخبار

أضف تعليق