صفقة "رافال" عنوان لشراكة عسكرية تتعمق بين السعودية وفرنسا؟

توجد محادثات جدية بين السعودية وفرنسا لشراء الرياض مقاتلات من طراز "رافال"، وهو ما أكده وزير الجيوش الفرنسية سيبستيان لوكورنو الذي ذكر الأمر في مؤتمر صحفي، دون أن يعطي تفاصيل إضافية بحكم أنه "غير مخوّل للتعليق للصحافة" حول ما تم التطرّق إليه في المحادثات.

صحيفة "لاتريبيون ديمانش" الفرنسية كانت أول من أشار إلى هذا الموضوع، بتأكيدها أن المملكة العربية السعودية تواصلت مع شركة "داسو للطيران" للحصول على عرض أسعار لشراء 54 طائرة رافال، ولدى الشركة "مهلة حتى الاول من تشرين الثاني/نوفمبر للرد" على استفسار الرياض.

ويكتسي الموضوع أهمية بالغة للصناعة العسكرية الفرنسية، بحكم أن السعودية كانت تشتري حتى الآن طائراتها المقاتلة من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتمكّن باريس من الدخول إلى السوق السعودي سيحقق لها أرباحاً كبيراً في هذا المجال، خصوصاً للإنفاق السعودي الكبير على مجال الأسلحة.

ويظهر أن السعودية قرّرت حذو طريق دول أخرى في المنطقة سبق أن اشترت هذه المقاتلات الفرنسية، ومنها مصر والإمارات وقطر. هذه الأخيرة اشترت 36 طائرة منذ 2015، وأبدت رغبتها صيف هذا العام في شراء مقاتلات "رافال" جديدة، كما اشترت الإمارات العام الماضي 80 مقاتلة من هذا النوع، فضلاً عن 12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال"، ما اعتبرته باريس حينها صفقة تاريخية، إذ كانت أكبر طلبية خارجية لهذه المقاتلات على الإطلاق.

*اهتمام متزايد

يشير موقع bfmtv إلى أنّ اهتمام السعودية بالطائرات القتالية الفرنسية واضح منذ سنوات، وتزايد الاهتمام بعد عقد الإمارات للصفقة، ويتحدث أن هناك إمكانية لشراء الرياض ما يصل من 100 إلى 200 مقاتلة فرنسية مقابل 36 مليار يورو.

ومن الأسباب الذي دعت له، هو رفض ألمانيا بيع طائرات مقاتلة من نوع "تيفون" للسعودية، وهي الطائرات التي تنتجها بشراكة مع المملكة المتحدة، بحجة حرب اليمن، وكذلك الجدل الذي رافق اغتيال جمال خاشقجي، وهو الرفض الذي تكرر في قمة الناتو في الصيف الماضي، ما خلق استياء شركة إيرباص، التي تساهم في إنتاج مقاتلات "تيفون'، من أن هذا الفيتو ستستفيد منه الشركة الفرنسية التي تصنع لوحدها "رافال"..

واتخذت برلين هذا القرار مع الحرب في اليمن عام 2015، وأيضا بعد اغتيال جمال خاشقجي عام 2018. وبدون موافقة ألمانيا، لا يمكن عقد أي عقد بين لندن والرياض.

*اعتماد محدود؟

لكن هل تنوي السعودية الاعتماد بشكل رئيسي على المقاتلات الفرنسية؟ تشير صحيفة "لا تريبين" الفرنسية أن باريس تخشى من أن تلعب "رافال" دور الأرنب، لأجل إجبار برلين على تغيير موقفها.

وما يلعب لصالح فرنسا حسب تحليل bfm-tv، أن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي في البلاد، يرغب في تنويع شركاء المملكة في الجانب العسكري، وتقليص اعتماد المملكة على الصناعة العسكرية الأمريكية.

تأتي هذه التطورات في وقتِ تتعاظم فيه خلافات بين ألمانيا وفرنسا حول موضوع التنسيق في مجال التسليح. يشير تحليل لمجموعة فوبان (خلية تفكير فرنسية في المجال العسكري)، أنه إذا كان بوسع ألمانيا، من وقت لآخر، حسب تقديرها وبالوتيرة التي تناسبها، تقديم تنازلات معينة في موضوع سياستها التسليحية في الخارج، فليس من حقها أن تجبر حلفاءها على ذلك.

ويقول التحليل إن على برلين ألا تؤيد سياسة التصدير الخاصة بها وتنكرها على الآخرين، وإنه من الواجب على فرنسا تعلم درس مهم هو أن "ألمانيا ليست شريكا يعتمد عليه في مجال التسليح"، فيما تدافع آراء أخرى عن موقف ألمانيا فيما يتعلق بتسليح أوكرانيا، بحكم أنه كان ضروريا نظراً لحجم التهديد الروسي، ويتحدثون عن أن ورقة حقوق الإنسان التي ترفعها ألمانيا تبقى من أساسيات سياستها الخارجية.

وثمة خلافات فرنسية ألمانية حول مسألة التسلح، وظهرت بشكل خاص بإعلان برلين اقتناء طائرات إ ف 35 الأمريكية المتطورة، وتجميد مشروع طائرة يوروفايت الأوروبية (مشروع فرنسي ألماني)، كما يقول خبراء إن اعتماد ألمانيا على الصناعة العسكرية الأمريكية له دواعي استراتيجية وظرفية أملتها تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على أمن أوروبا.

لكن العلاقات السعودية-الفرنسية في مجال التسلح ليست جديدة، يشير موقع orientxxi أن فرنسا هي ثاني مزود للتحالف السعودي-الإماراتي بالأسلحة في حرب اليمن، وتحدث عن وجود تقرير صادر عن مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية، يؤكد أن السلاح الفرنسي استخدم لاستهداف مناطق مدنية ولهجمات التحالف في اليمن، وليس فقط لضمان حماية الأراضي السعودية من الهجمات البالستية الآتية من اليمن حسب الحكومة الفرنسية.

وزادت صادرات فرنسا من الأسلحة بنسبة 44 في المائة بين الأعوام 2013-2017 و2018-2022 حسب تقرير لمعهد سيبري (معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام)، وكات معظم هذه الصادرات إلى دول في آسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط. وباتت فرنسا تحتل حصة كبيرة في تصدير الأسلحة على مستوى العالم، خصوصاً بعد تراجع الصادرات الروسية.

المصدر: DW عربية

أضف تعليق